محمد منسى المراقب العام
عدد الرسائل : 212 تاريخ التسجيل : 18/02/2009
| موضوع: عريس السماء الجمعة 06 مارس 2009, 1:23 am | |
|
| هبط الليل على المدينة المباركة..أرخى سدوله ..وغارت نجومه يحمل السكون والسلام للكائنات التي أرهقها كد رالنهار ..وأنهكها السعي في مناكب الأرض..يرتل ترانيم المساء ..يهدهد الجفون لتغرق في عذوبة الأحلام… يهدينا الليل شعورا خاصا وكأن الكون ملك لنا ..الليل يحرر أرواح المؤمنين ..لتصفو شيئا فشيئا ..حتى تنساب في صمت مهيب إلى باريها ..تتطهر بسجدة أمام عرشه العظيم..تتحدى بها كيد الشياطين .. كان مساء عاديا على أية حال ..لكنه أبدا لم يكن كذلك عند حنظلة.. إنه اليوم يحلم حلمه الخاص.. حنظلة على موعد مع هذاالمساء .. إنه اليوم الذي طال انتظاره ..اليوم يلتقي الشمس والقمر ..الليلة يهديه المساء حبيبته الجميلة … اليوم عرس حنظلة..!! في ليلة صبيحتها القتال في أحد ..استأذن حنظلة النبي الكريم أن يبيت عند زوجته .. حنظلة لا يعرف بالتحديد إن كان لقاءا أم وداعا .. ويأذن له نبي الرحمة والسلام ..ليبيت الليلة عند عروسه أي عذوبة كانت لذلك اليوم..؟ وأي عرس قام فيه..؟ وأي عطور عطرت ثوانيه ودقائقه وساعاته..؟ وأي سر يخفيه اليوم عن حنظلة وحبيبته التي أحترق قلبها بالحنين.. عاش دهرا في انتظار الحبيب.. تذرف أفراحا من دموع .. تمسك به كضيف يوشك أن يرتحل..كطيف تراه ولا تملكه..بدا حنظلة كالسماء قريبة ونائية..بكت وكأنها تستشعر لوعة فراقه ..يطمئنها يبشرها بالنصر ينظر إليها وكأنه يريها كل صور الحب التي عرفها قلبه الطاهر في هذه الدنيا ..يجمع الحب الصغير إلى الحب العظيم ليمنحه العظمة والبهاء .يطمئنها ويبشرها ليحتوي الحب السماوي الخالد حبه البشري الفاني ..فيمده بالبقاء والخلود ..أجرى حنظلة تلك المعادلات والحسابات العاطفية في عقله وقلبه ..وحسم قراره سريعا ..مع نسمات الفجر الأولى .. حين سمع صيحة القتال ..فبادر بالخروج ..وكان جنباً انطلق بين دموع الحبيبة وأشواق الفؤاد الذي لم يرتو من شهد الحبيب بعد.. انطلق والحنين يصدح في جنبات قلبه ..الحنين للساعات الأولى التي جمعتهم ..ثم مرت كدهر من الزمان ..وصارت حلما ..!! انطلق حنظلة ..الذي جعل من هواى نفسه ترابا تطئه قدمه وانتصر الحب الكبير على كل شئ ..انتصر على حنظلة ذاته .. أجل انتصر حنظلة على حنظلة ..وانتهى الاختبار..!! ** الحب دموع ..والحب ثورة ** وينطلق حنظلة المجاهد عريس البارحة ..يحمل سلاحه ليلحق بالنبي وهو يسوي صفوف المجاهدين ..يصف قلوبا للبيع في سبيل الله.. ويدخل حنظلة سوق الجنة .. ويشتد القتال ..في البداية ينتصر الباعة وحين يترك الرماة مواقعهم ..حين يتحول الباعة إلى شراه ..يضطرب قانون المعركة ..ويتقدم المشركون بظلامهم الكثيف ..ما زالت بعض القلوب تصمم على البيع ..وتصمد مع نبي الرحمة والسلام .. مازال حنظلة يبرهن على حبه العظيم لله تعالى ….مازال يخجلنا في الحقيقة ..إنه يتقدم نحو أبي سفيان بن حرب .. يسرع نحوه ..ليضرب أرجل فرسه من الخلف ..ويقع أبو سفيان يسقطه من فرسه على الأرض ..وكأنه يسقط الباطل الذي سرق أمنه وسلامه..الباطل الذي يطارد فكره ..ويصادر عقيدته .. يحرمه جميلة ويحرم جميلة منه ..وهنا يدركه شداد بن الأسود و يعين أبا سفيان على حنظلة .. فيقتل أحدهما القلب الطاهر برمية رمح نافذة .. ويقول أبو سفيان حنظلة بحنظلة ..يقصد أنه أخذ بثأر ابنه الذي قتل يوم بدر.. ويرحل عنا حنظلة ويبقى مسك دمه ليعطر أرواحنا.. يحمل إلينا نسمات الجنة..لتوقظ نفوسنا النائمة ..وتنعش هممنا…علنا يوما نمتطي خيول الشهادة ..ونترجل عن خيول الأمنيات!! ** يالروعة دمك يا حنظلة ** وتتطهر الأرض بدم المحبين ..دم حنظلة فوق كل الأرض.. يصبغها حبا بكل الألوان ..يبدو الحب في حياة حنظلة كصلاة كاملة الخشوع ..يتعبد بمزيج من الحب .. أطياف وألوان من الحب .. حب النبي عليه السلام.. حب الإسلام حب إخوانه المسلمين..حب الخير ..حب الوطن ..حب جميلة .. لكن لونا مميزا بدا أكثر وضوحا من أي لون ..إنه لون الحب الكبير الحب الخالد ..حب الله ..الذي ظل يعتمل في نفسه وينتصر على كل ألوان الحب الأخرى ..الحب الذي ظل يتألق انتصارا في روح حنظله حيا وميتا .. إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة …فهنيئا لك الجنة يا حنظلة !! ** السماء تمطر عشقا ** حبات المطر الدامية انتهت المعركة ..عرض المتاجرون مع الله بضائعهم ..حملوا قلوبهم على أكفهم ..ليقبل الله من يشاء ويرد من يشاء .. هم يوقنون أن الصدق اليوم أنفس البضائع .. وأن من يصدق الله ليس بضائع ..!! إنهم يشترون الجنة..سلعة الله الغالية ..ويفقهون قانون المتاجرة مع الله تعالى أما نحن فندرك جيدا ارتباط السلع الغالية بالأثمان الغالية .. لكنا نستسلم لهدهدة الأمنيات و سراب الكلمات علها تمنحنا شيئا من السلام الزائف !! يبحث من بقي من الصحابة عن إخوانهم ..وتتفقد القلوب التي لم تزل تنتظر وعد السماء.. تلك التي سبقتها إلى السماء .. وتتلمس أيديهم الحزينة جسد حنظلة المخضب بالدماء ..ويعجبون لقطرات الماء تنساب من جبينه كحبات من لؤلؤ..وتتساقط من خصلات شعره بلحن حزين ..بدت وكأنها دموع جميلة الحزينة ..!! والحقيقة أن قطرات الماء تلك ظلت لغزا عصيا على الفهم ..حتى سمع الصحابة صوت النبي يقول بعذوبة بالغة : إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض بماء المزن في صحائف من فضة !! إنها السماء تمطر عشقا وظلت الأوس قبيلة حنظلة تفاخر به وتقول منا غسيل الملائكة حنظلة ابن أبي عامر ..ومنا من حمته الدبر عاصم بن ثابت .. ومنا من أجيزت شهادته بشهادتين خزيمة بن ثابت ..ومنا من اهتز لموته عرش الرحمن ..سعد ابن معاذ . والحقيقة أن حنظلة يظل فخرا ووساما على صدر البشرية كلها وليس الأوس وحدهم !! ((( أخي أختي فلنبع أنفسنا لله عسى أن نكون من رفاق حنظلة إن لم يكن بجهاد المعرة فبجهاد النفس الآمارة ))) ------------------------------------------ إذا رُمتَ الدخولَ على أناسٍ *** فكنْ منهمْ بمنزلةِ الأقلِّ فإنْ رفعوكَ كان الفضلُ منهمُ *** وإنْ أبقوكَ قلْ هذا محلِّي ************************** *************** (((( لا إله إلا أنتَ سُبحانكَ إني كنتُ منَ الظالمين )))) |
| |
|